الميلانوما: الشامة القاتلة وأعراضها التي يجب معرفتها

الميلانوما: الشامة القاتلة وأعراضها التي يجب معرفتها


في زحام الحياة اليومية، يغفل الكثيرون عن التغيرات الطفيفة التي قد تطرأ على أجسامهم، لا سيما في المواضع التي يصعب ملاحظتها. فقد تظهر شامة جديدة أو تتغير شامة قديمة بشكل غير ملحوظ، لكن بعض هذه التغيرات قد تشير إلى مرض جلدي خطير يُعرف باسم “الميلانوما”.

ما هي الميلانوما؟

في هذا السياق، أوضح الدكتور كرم علام، أستاذ جراحات التجميل والإصلاح، أن الميلانوما تُعتبر من أخطر أشكال سرطانات الجلد التي تنشأ من الخلايا الميلانينية المسؤولة عن إنتاج صبغة الميلانين. يُمكن أن تظهر الميلانوما بشكل شامة أو وحمة داكنة اللون، وتتواجد غالباً في المناطق المعرضة لأشعة الشمس مثل الوجه، والرقبة، والذراعين، والظهر، لكنها قد تظهر أيضاً في أماكن أخرى مثل باطن القدم، تحت الأظافر، أو حتى في العين.

خطورة الميلانوما

رغم أن الميلانوما تمثل نسبة صغيرة من سرطانات الجلد، إلا أن خطورتها تكمن في قدرتها على الانتشار السريع إلى أعضاء أخرى في الجسم، مثل الكبد، والرئتين، أو المخ. وبخلاف بعض الأنواع الأخرى من سرطانات الجلد، مثل سرطان الخلايا القاعدية وسرطان الخلايا الحرشفية، فإن الميلانوما يمكن أن تكون قاتلة إذا لم تُعالج مبكرًا.

كيفية التعرف على الميلانوما

فيما يتعلق بالتعرف على الميلانوما، ذكر الدكتور كرم أنه ينبغي اتباع قاعدة إكلينيكية بسيطة تُعرف بـ “ABCDE”، التي تُساعد في تحديد الشامات المشبوهة:

  • عدم التماثل (Asymmetry): يكون نصف الشامة مختلفاً عن الآخر.
  • حدود غير مستقيمة (Border): وجود حواف غير واضحة أو مستوية.
  • تغير اللون (Color): وجود أكثر من لون داخل الشامة.
  • القطر (Diameter): إذا كان حجمها يزيد عن 7 ملم.
  • التطور (Evolution): أي تغيرات في الشكل أو الحجم أو اللون مع مرور الوقت.

وأكد على أهمية عدم تجاهل أي تغيرات والتوجه فورًا لاستشارة الطبيب.

من هم الأكثر عرضة للإصابة؟

بالنسبة للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالميلانوما، أشار الدكتور كرم إلى أن ذوي البشرة الفاتحة، والأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالميلانوما، ومن تعرضوا لحروق شمس في مراحل مبكرة من حياتهم، هم أكثر الشخصيات يجب أن يكونوا يقظين. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن تؤدي مجموعة من النصائح البسيطة إلى الوقاية من الميلانوما، منها:

  • تجنب التعرض المباشر للشمس في أوقات الذروة (من 10 صباحاً إلى 4 عصراً).
  • استخدام واقي شمس بعامل حماية مناسب وإعادة وضعه كل ساعتين.
  • ارتداء نظارات شمسية وقبعات وملابس تحمي الجلد عند الخروج.
  • فحص الجلد الذاتي بانتظام وزيارة الطبيب عند ملاحظة أي تغيرات مقلقة.
  • مراجعة الطبيب المختص سنويًا وخاصةً لمن لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالميلانوما.

الفئة العمرية المُعرضة للميلانوما

لفت الدكتور كرم إلى أن الميلانوما لا تقتصر على كبار السن، بل تُعتبر من أنواع السرطانات النادرة التي تصيب الشباب، خصوصاً في الفئة العمرية بين 25 إلى 35 عاماً. ويزداد انتشارها بين النساء الشابات. وعلى الرغم من وجود تطبيقات هاتفية لفحص الشامات، إلا أنه لا يمكن الاستغناء عن استشارة الطبيب المختص.

قصة واقعية

وساق الدكتور كرم مثالًا حول سيدة لاحظت تغيرًا في شامة على ظهرها، إلا أنها تجاهلتها لشهور، حتى بدأت تنزف وظهر تضخم في الغدد الليمفاوية. وبعد الفحص، تبين أنها مصابة بالميلانوما التي وصلت للمرحلة الثالثة. لو كانت قد خضعت للفحص في بداية الأعراض، لكان بالإمكان إزالتها بسهولة، لكن التأخير جعل العلاج أكثر تعقيدًا.

الوقاية والكشف المبكر

وأشار الدكتور كرم إلى أن اكتشاف الميلانوما مبكراً يزيد من فرص الشفاء التام بنسبة تفوق 95%. يتمثل العلاج في استئصال الشامة المصابة جراحياً دون الحاجة للعلاج الإضافي، أما في المراحل المتقدمة، قد تقل الخيارات العلاجية وتعتمد على الجراحة والعلاج المناعي أو الكيميائي.

ليس الغرض من هذا الحديث هو إخافة القارئ، بل توعيته بأهمية الكشف المبكر. ينبغي على الشخص النظر إلى جلدهم بتمعن وعدم التردد في زيارة الطبيب عند ملاحظة أي شيء مقلق، فالميلانوما قد تبدأ كنقطة صغيرة، لكن إهمالها قد يكون له عواقب وخيمة.